أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، السيد ناصر بوريطة، اليوم الخميس، أن الملك محمد السادس، نصره الله، يعتبر أن الفضاء الإفريقي الأطلسي يجب ألا يظل في الهامش، بل أن يكون قطباً جيو-استراتيجياً محورياً، وجسراً دينامياً يربط بين القارات، ورافعة حقيقية للابتكار، الصمود، والتكامل الإقليمي.
وفي كلمة موجهة خلال الاجتماع الوزاري الخامس للدول الإفريقية الأطلسية المنعقد في برايا بجمهورية الرأس الأخضر، أبرز بوريطة أن السياسة الخارجية المغربية، المنبثقة من التوجيهات الملكية، ترتكز على جعل هذه الرؤية واقعاً ملموساً ومستداماً يخدم التعاون جنوب جنوب ويعزز الاستقلالية القارية.
وأشار الوزير إلى أن الشراكة الإفريقية الأطلسية لم تعد فقط أداة استراتيجية، بل تحولت إلى منصة سياسية واقتصادية وإنسانية تحمل طموحاً كبيراً نحو بناء قارة إفريقية تتحكم في مصيرها، ولا تخضع لتقلبات الأوضاع الدولية.
وجدد بوريطة، بهذه المناسبة، التأكيد على عزم المغرب الراسخ في دعم هذه الدينامية، من خلال ضمان استمراريتها، توسيع نطاقها، وتعميق مسارات الاندماج الإقليمي بين الدول المطلة على الأطلسي.
المغرب يؤمن بإفريقيا تقود مصيرها بثقة وسيادة
أشاد الوزير بروح الانسجام السياسي والإرادة الجماعية التي تسود بين دول مسلسل الدول الإفريقية الأطلسية، مؤكداً أن هذا الفضاء لم يعد مجرد حيز جغرافي، بل أصبح واقعاً استراتيجياً قائماً بذاته، قادر على تأكيد سيادته، وتعزيز موقعه ضمن المعادلات الدولية الكبرى.
وشدد بوريطة على أن هذا التوجه ينبع من قناعة مغربية ثابتة بأن مستقبل القارة الإفريقية سيكون أكثر أمناً واستقراراً وازدهاراً، إذا بُني على أسس التكامل، الشراكة، والمسؤولية المشتركة.
مبادرة ملكية تأسس لشراكة إفريقية غير مسبوقة
وأشار بوريطة إلى أن المبادرة الملكية أفرزت نموذجاً جديداً من التعاون الإفريقي الأطلسي، يقوم على مقاربة عملية وطموحة تهدف إلى:
- تعزيز التنمية المستدامة
- تحقيق الأمن البحري
- حماية البيئة
- مكافحة التهديدات العابرة للحدود
وأكد أن هذه الشراكة الاستراتيجية تتيح فضاءً ملائماً لبناء تعاون فعال في مواجهة التحديات البنيوية والهيكلية التي تواجهها دول هذا المحور الحيوي.
نحو آليات عمل وتخطيط استراتيجي مشترك
أوضح بوريطة أن الوقت حان لتقوية آليات العمل الجماعي، خاصة في ظل تكتلات جيوسياسية ناشئة في أوروبا وأمريكا وآسيا، داعياً إلى صوت إفريقي موحد وفعال يعكس طموحات القارة، ويعزز حضورها في الساحة الدولية.
واعتبر الوزير أن الرؤية الملكية تتجسد عملياً في:
- منتدى وزراء العدل (أبريل 2024)
- اجتماع رؤساء البرلمانات (فبراير 2025)
- مؤتمر الأمن البحري ومكافحة الإرهاب (يناير 2025)
وهي محطات وصفها بأنها عززت التنسيق الإقليمي، ووسّعت قاعدة الفعل الإفريقي المشترك.
توصيات عملية لتعزيز التنمية والتكامل
كشف بوريطة أن تقرير التنفيذ الاستراتيجي خرج بجملة من التوصيات الهامة، من بينها:
- عقد اجتماعات قطاعية منتظمة، مثل لقاء وزراء العدل الذي أثبت نجاعة المقاربة اللاممركزة.
- إحداث آليات تنسيق وطنية داخل كل دولة، تربط السياسات المحلية بالدينامية الإقليمية.
- إدراج تربية الأحياء المائية ضمن خطط العمل، نظراً لدورها في تحقيق الأمن الغذائي، وخلق فرص الشغل، وحماية البيئة.
وأعرب الوزير عن استعداد المملكة المغربية للمساهمة الفعلية في تنفيذ هذه التوصيات، عبر تقاسم الخبرات وتجارب المؤسسات المغربية مع باقي الدول الشريكة.
المغرب يدعو إلى فضاء إفريقي أطلسي قوي ومستقر
في ختام كلمته، دعا ناصر بوريطة إلى جعل الفضاء الإفريقي الأطلسي:
- رافعة للتضامن القاري
- محركاً حقيقياً للازدهار المشترك
- سداً منيعاً أمام التهديدات الأمنية
وأكد أن هذا الطموح ليس مجرد هدف سياسي، بل ضرورة جيوسياسية واقتصادية ملحة من أجل مستقبل قاري أكثر إشراقاً واستقلالية.