في خطوة أثارت جدلاً واسعاً داخل الأوساط التكنولوجية والحقوقية، أقدمت شركة مايكروسوفت، عملاق التكنولوجيا الأمريكي، على فصل المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد من منصبها في قسم الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد احتجاجها العلني على ما وصفته بـ”تواطؤ” الشركة مع الجيش الإسرائيلي من خلال توفير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
جاءت الحادثة خلال فعاليات الاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيس مايكروسوفت، الذي أقيم في 4 أبريل 2025، حيث فاجأت ابتهالأبو السعد الحضور بمقاطعة الكلمة الافتتاحية التي ألقاها مصطفى سليمان، الرئيس التنفيذي الجديد للذكاء الاصطناعي في الشركة، وصرخت قائلة:
“تتحدثون عن الذكاء الاصطناعي من أجل الخير، بينما مايكروسوفت تزوّد الجيش الإسرائيلي بأسلحة ذكاء اصطناعي تساهم في إبادة شعبي.”
ثم ألقت بكوفية فلسطينية على المنصة، في مشهد صادم نقلته عدة وسائل إعلام عالمية، قبل أن يتم إخراجها من القاعة. وتُعتبر المهندسة أبو السعد من الكفاءات المغربية المعروفة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقد اشتغلت داخل مايكروسوفت في مشاريع متقدمة تتعلق بتعلم الآلة والحوسبة السحابية.
فصل فوري ورد رسمي من مايكروسوفت
بعد ساعات من الحادث، أصدرت مايكروسوفت قرارًا بفصل المهندسة ابتهال أبو السعد من منصبها، مبرّرةً ذلك بما وصفته بـ”سلوك غير مهني هدفه تعطيل حدث استراتيجي للشركة واكتساب شهرة شخصية”. ووفق مصادر داخلية، لم تكن أبو السعد الموظفة الوحيدة التي عبّرت عن احتجاجها، إذ شاركتها المهندسة فانيا أغراوال في خطوة مماثلة، عندما قاطعت كلمة الرئيس التنفيذي السابق بيل غيتس.
ورغم أن مايكروسوفت لم تُنكر وجود عقود تعاون مع مؤسسات عسكرية، إلا أنها شدّدت على أن تقنياتها تُستخدم ضمن “إطار قانوني وأخلاقي يخضع للمراجعة”، وهو ما اعتبره نشطاء حقوقيون “تبريرًا مفرغًا من المضمون”.
استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب يثير قلقاً متزايداً
تأتي هذه الحادثة في ظل تقارير متزايدة حول استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من طرف الجيش الإسرائيلي في تحديد الأهداف وتنفيذ هجمات في قطاع غزة، ما يطرح تساؤلات أخلاقية عميقة حول دور شركات التكنولوجيا الكبرى في النزاعات المسلحة.
وقد عبّرت منظمات دولية عن قلقها من هذه الشراكات، خاصة بعد أن تبيّن أن برنامج “هيليوست” الإسرائيلي يعتمد على تقنيات ذكاء اصطناعي لتحديد الأهداف البشرية خلال العمليات العسكرية، وهو البرنامج الذي يُعتقد أن مايكروسوفت تساهم فيه بطريقة غير مباشرة عبر بنيتها السحابية “Azure” وتقنياتها في التحليل الخوارزمي.
ردود فعل متباينة ودعوات للمحاسبة
أثارت خطوة فصل أبو السعد موجة تضامن كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من المهندسين والموظفين السابقين في شركات تكنولوجية عن دعمهم لموقفها. وانتشرت حملات رقمية تدعو لمحاسبة الشركات المتورطة في دعم الأنظمة العسكرية من خلال التكنولوجيا، خصوصًا تلك التي تُستخدم في نزاعات تُوصف بأنها تنتهك القانون الدولي الإنساني.
ويُرتقب أن تُعيد هذه الواقعة الجدل حول مسؤولية الشركات التكنولوجية الكبرى، مثل مايكروسوفت، في النزاعات المسلحة، وكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي بطرق تتوافق مع القيم الأخلاقية والإنسانية.
الكلمات المفتاحية : مايكروسوفت، ابتهاج أبو السعد، فصل موظفة مغربية، دعم إسرائيل، الجيش الإسرائيلي، الذكاء الاصطناعي في الحرب، احتجاج موظفي مايكروسوفت، التكنولوجيا والجيش الإسرائيلي، المهندسة المغربية في مايكروسوفت، الانتهاكات في غزة، الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته.
