جهة درعة تافيلالت، التي تضم مدن الراشيدية، زاكورة، وتنغير، تعد من المناطق التي يصفها الكثيرون بـ”المغرب المنسي”. ففي هذه المناطق، يعيش شباب المنطقة تحديات كبيرة في مواجهة الفقر، البطالة، وقلة الفرص، ما يدفعهم إلى الهجرة في محاولة للهروب من واقع مرير يعيشه غالبية سكان هذه الجهة.
هذا التقرير الميداني يستعرض واقع الشباب في هذه المناطق ويبحث في التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهونها، بالإضافة إلى استعراض حلم الهجرة كحل للهروب من الفقر والتهميش.
واقع البطالة والتهميش
يعتبر القطاع الاقتصادي في درعة تافيلالت من القطاعات التي تعاني من نقص حاد في فرص العمل، مما يجعل البطالة واحدة من أكبر المشاكل التي يواجهها الشباب. غالبًا ما يخرج الخريجون من الجامعات والمدارس العليا من شباب الراشيدية وزاكورة ليجدوا أنفسهم أمام سوق عمل مغلق، حيث لا توجد فرص حقيقية لتوظيفهم، بل تقتصر الخيارات على العمل في الوظائف المؤقتة أو العشوائية.
تؤثر هذه المشكلة بشكل خاص على الشباب من حاملي الشهادات الذين يضطرون إلى قبول وظائف لا تتناسب مع مؤهلاتهم، مما يساهم في تفاقم شعورهم بالإحباط ويجعل حلم الهجرة أكثر جاذبية.

حلم الهجرة: الحل الوحيد؟
مع غياب الفرص الاقتصادية، يعتبر حلم الهجرة إلى الخارج أو إلى المدن الكبرى في المغرب بالنسبة للكثير من الشباب الأمل الوحيد للخروج من دائرة الفقر. العديد منهم لا يترددون في المخاطرة بحياتهم في البحر، على أمل الوصول إلى أوروبا عبر قوارب الموت، بينما آخرون يهاجرون إلى المدن الكبرى مثل الدار البيضاء والرباط، بحثًا عن حياة أفضل.
لكن هذا الحلم لا يخلو من المخاطر، سواء كانت مخاطر الهجرة السرية أو الضياع في المدن الكبرى التي لا تقدم بالضرورة حياة أفضل بل غالبًا ما تتسبب في مواجهة مع مشاكل جديدة من التهميش.
معاناة الحياة اليومية
في مدن مثل تنغير وزاكورة، يشهد الشباب حياة قاسية في القرى النائية حيث الظروف الاقتصادية والاجتماعية تظل متردية. البنيات التحتية في العديد من المناطق لا تزال ضعيفة، حيث يضطر سكان القرى إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى المدارس أو المستشفيات. كما أن النقل العام لا يكفي لتلبية حاجات التنقل اليومي، ما يجعل الحياة اليومية عبئًا إضافيًا على هؤلاء الشباب.
غياب التنمية المستدامة
تعاني جهة درعة تافيلالت من غياب التنمية المستدامة التي تستهدف الشباب بشكل خاص. ورغم أن المنطقة غنية بالموارد الطبيعية، من الزراعة إلى السياحة، إلا أن هذه الثروات لا تُستثمر بالشكل الذي يعود بالنفع على الشباب. لا توجد مشاريع اقتصادية كبرى قادرة على خلق فرص عمل دائمة للشباب، ولا يتم استغلال إمكانيات المنطقة بالشكل الأمثل.
مطالب الشباب
يطمح شباب درعة تافيلالت إلى:
- العدالة المجالية وتنمية المنطقة عبر مشاريع اقتصادية ذات قيمة مضافة.
- فتح فرص العمل في القطاعات الواعدة مثل السياحة والزراعة الى اخره.
- تطوير قطاع التعليم وتوفير مراكز تكوين مهني تساهم في رفع مستوى المهارات لدى الشباب.
- توفير فرص تمويل للمشاريع الصغيرة التي يديرها الشباب لتشجيع الابتكار وروح المبادرة.
- تحقيق المساواة في التوزيع العادل للموارد من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير خدمات الصحة والمرافق الاجتماعية.
يبقى شباب درعة تافيلالت في انتظار فرص جديدة لتغيير واقعهم وتحقيق حلمهم في حياة أفضل. ولكن يبقى الأمل في أن تتحقق السياسات التنموية التي تضمن العدالة المجالية وتؤمن فرص العمل التي تفتح لهم أبواب المستقبل بعيدًا عن الهجرة والمخاطر المرتبطة بها.